الاثنين، 26 سبتمبر 2011

ثورة ربانية يلتف عليها غرور الثوار

كلامنا بدأ بالثورة و مازال كلامنا عن الثورة و لازلنا نتكلم في الثورة. لكن أي ثورة ؟ ثورة تونس ؟ ليست ثورة و ثوار تونس ليسو ثوار
في تونس ينقسم المشهد لشقين شق متمرد و شق يقاوم التمرد. شق المتمردين يتحدثون بإسم الثورة و إنجازات الثورة و ينتظرون مستقبل الثورة و شق الثاني يتكلم أيظا بإسم الثورة و يبارك إنجازات الثورة لكنه هو من يرسم مستقبل الثورة.
لكن لم يسأل أحد عن الثورة و ما هي الثورة و ما هو التعريف الصحيح للثورة فالكل يرى الأمور من زاويته و يترقب نتائج تحققها الثورة حسب رغباته. هل قامت ثورة في تونس ؟ 
أكيد لا... ما حصل في تونس مجرد منعرج جديد لا أكثر ولا أقل أين ستتغير فيه المفاهيم و تستبدل بعض الشخصيات بأخرى و يقدم القليل من كل شيئ للشعب مع إبقاء سيطرته على كل شيئ، لأن الثورة هي قطع مع الماضي كليا و تغيير جذري من الأسفل إلى الأعلى يعني تغيير من القاعدة الشعبية وصولا للطبقة الحاكمة، وهذا لا يتحقق إلا بآليات معينة منها إنشقاق عن السلطة الحاكمة مثلما إنفصلت بنقلاداش عن باكستان  و يبدأ الضغط السلمي وصولا للمقاومة المسلحة مع التمسك بالمطالب الأساسية التي قامت من أجلها الثورة أو العصيان المدني الكامل مع عدم الإلتزام بالقوانين مثلما حصل بالهند أو جنوب إفريقيا وهو ما يسمى بعدم الإعتراف بالدولة، و آخر المطاف هو الإنقلاب إما عسكري أو مدني مما ينجر عنه تغيير كلي للسلطة الحاكمة و في كل الحالات يجب أن يكون هنلك قائد لأن ثورة من دون زعيم كجسد بدون رأس و لا تستطعون أن تكونو كلكم زعماء فالسفينة يقودها ربان واحد.
أطرح السؤال على نفسك و ستجد أنه في تونس لم تكن ثورة و بحكم أننا شعب نحب السلمية و نعشق المناهج الديبلوماسية لم و لن نحقق ثورة لأننا بكل بساطة لسنا أهل لها و لا نملك الإمكانيات اللازمة للثورة و كل ما أخشى على هذه الثورة الربانية من غرور الثوار نفسهم، لأنه في واقع الأمر ثوارنا لا حول و لا قوة لهم لكن سعيهم مشكور و لو كانو يعلمون ما تخفيه سراديب الساحة السياسية اليوم سيغيرون خطابهم الثوري المبعثر و أنصحهم بمحاربة الفساد و أن يبتعدو عن المنطق الثوري لأنهم لا حول ولا قوة لهم أمام أخطوبوط يكبل العالم برمته و يضعه تحت قبضته فالحديث عن السياسة لا يناسبكم و الحديث عن الساسة لا تتقنونه.
رجاء يا ثوار اليوم رجاء أن تتركو الذين يعلمون يتكلمون في السياسة و ألتزمو الصمت لأنكم أصبحتم العائق الأساسي للثورة و منطق الحيادية الذين تتشدقون به أتركوه جانبا لأنه من المستحيل أن يكون الإنسان محايد إختر طريق تسلكه و ساهم في إنجاحه و لا تكن كثير الثرثرة و قليل الفعل لأننا في تونس نسمعو جغجغة ولا نرى طحين.
يجب أن تختار و تترك غيرك  يسعى لتوفير ما تختار لا أن تقحم نفسك في كل شيئ و تزيد في تشبيك المشهد التونسي اليوم الأحزاب تتصارع من أجل المناصب و هذا حق مشروع فرضه واقع كانت فيه السياسة شر لابد منه و لخوض المعركة تجند البعض و تقدم للمنافسة متسلحين بزاد فكري و دهاء سياسي و حنكة تجعلهم يخوضون هذه المعركة دون السقوط في الأفخاخ يضعها طرف للطرف الآخر في إطار المنافسة على السلطة.

أطلب منك لآخر مرة كفانا غوغاء و تزعم لأنك لست ثوري و لا توجد ثورة و الثوار هم ثوار ما قبل 14 جانفي و اليوم أما إبتداء من 15 جانفي كلها تحاول الركوب عن الحدث إما ركوب معنوي أو ركوب مادي.